مسألة الوصول إلى هزة الجماع (النشوة الجنسية) لدى النساء موضوع حساس وشائع في الوقت نفسه. كثير من النساء يشعرن بالإحباط أو القلق لأنهن لا يصلن للنشوة بسهولة، أو لا يصلن إطلاقا، بينما يظن الشريك أحيانا أن كل الأمور طبيعية. في هذا المقال الشامل سنشرح الأسباب النفسية والجسدية والدوائية والعلاقاتية وسنطرح حلولا واقعية يمكن تنفيذها خطوة بخطوة، مع متى يجب مراجعة الطبيب أو الأخصائي النفسي الجنسي.
ما المقصود بعدم الوصول إلى هزة الجماع؟
عدم الوصول إلى النشوة (Anorgasmia) يعني أن المرأة لا تصل إلى الذروة الجنسية رغم وجود الإثارة الكافية والتحفيز عادة. هذا يمكن أن يكون مؤقتا أو مزمنا، كاملا (لا تصل مطلقا) أو جزئيا (تصل بصعوبة أو لوقت متأخر). من المهم التمييز بين إنخفاض الرغبة (مشكلة الدافع الجنسي) وصعوبة الوصول إلى الهزة رغم وجود الرغبة.
الأسباب النفسية والعاطفية
العوامل النفسية تلعب دورا كبيرا في تجربة النشوة عند المرأة، وغالبا ما تكون السبب الرئيسي في حالات كثيرة:
- الضغط والتوتر والقلق: الضغوط اليومية أو مخاوف الأداء الجنسي تقلل من التركيز على المتعة وتشتت الإنتباه.
- الإكتئاب أو إضطرابات المزاج: الإكتئاب نفسه أو أدوية مضادات الاكتئاب (بعض SSRIs) قد تقلل من القدرة على النشوة.
- تجارب سلبية سابقة أو صدمات جنسية: الذكريات أو القلق نتيجة تجارب مؤلمة تؤثر على الإستجابة الجنسية.
- الشعور بالذنب أو الخجل: الخلفية الثقافية أو التربوية التي تحوم الجنس إلى موضوع محظور تؤثر على النفسية الجنسية.
- قضايا ثقة بالنفس وصورة الجسم: عدم الرضا عن الجسم أو الخجل من الظهور عاريا أمام الشريك.
الأسباب الجسدية والطبية
عدة حالات طبية تؤثر مباشرة أو غير مباشرة على القدرة على الوصول إلى النشوة:
- إضطرابات هرمونية: إنخفاض مستوى هرمون الأستروجين أو التغيرات الهرمونية بعد الولادة أو خلال إنقطاع الطمث قد يضعف الإحساس الجنسي.
- أمراض مزمنة: مثل السكري أو أمراض الغدة الدرقية أو أمراض القلب أو الاعتلال العصبي التي قد تقلل الحساسية الجنسية.
- المشكلات العصبية: إصابات الحبل الشوكي أو الأمراض العصبية قد تؤثر في مسارات الإحساس.
- الألم أثناء الجماع (dyspareunia): الألم يجعل المرأة تتجنب التحفيز العميق، ما يقلل فرص الوصول للنشوة.
- جراحات سابقة أو تغيرات تشريحية: عمليات جراحية في الحوض أو الولادات القيصرية قد تغير الإحساس لدى بعض النساء.
- جفاف مهبلي: خاصة وقت إنقطاع الطمث أو أثناء تناول بعض الأدوية/القد يؤثر على المتعة.
الأدوية وتأثيرها
بعض الأدوية معروفة بتأثيرها على الوظيفة الجنسية:
- مضادات الإكتئاب (SSRIs وSNRIs) قد تسبب إنخفاضا في الرغبة وصعوبة الحصول على النشوة.
- أدوية علاج ضغط الدم وبعض الأدوية النفسية والأدوية المضادة للذهان لها آثار جانبية جنسية.
- المواد المخدرة أو الكحول قد تقصر الأداء أو تمنع الوصول للنشوة إذا أُسيء إستخدامها.
العلاقة بين التواصل والعلاقة الزوجية
تواصل الزوجين عن رغباتهما ومخاوفهما أساسي. كثير من حالات عدم الوصول للنشوة تعود إلى عدم وضوح التوقعات أو خجل من التعبير عن ما يثير كل طرف. تحسين الحوار الجنسي، الإتفاق على إيقاع المداعبة وطولها، ومشاركة ما يفرح ويزعج، يمكن أن يغير التجربة تماما.
عوامل نمط الحياة والنوم والتغذية
قلة النوم، التعب المزمن، سوء التغذية وقلة الرياضة تقلل الطاقة الجنسية والشهوة، وتؤثر بالتالي على القدرة على الوصول للنشوة. تحسين نمط الحياة خطوة عملية ومؤثرة.
متى تكون المشكلة طبية تستدعي مراجعة؟
مراجعة الطبيب ضرورة عند: وجود تغيير مفاجئ في القدرة على الوصول للنشوة، وجود ألم أثناء الجماع، أعراض مرتبطة بحالات طبية (مثل خدر أو ضعف عام)، أو أثر جانبي لدواء بدأ تناوليه حديثا. الطبيب قد يطلب فحوصات هرمونية، تحليل دم للسكري أو الغدة الدرقية أو يحيلك لأخصائي نساء أو منظار عصبي أو أخصائي جنسي.
حلول عملية وخطوات لتحسين الوصول إلى النشوة
إليك مجموعة من الحلول المجربة والمنطقية، قابلة للتطبيق في معظم الحالات (مع الانتباه لضرورة الإستشارة الطبية عند الحاجة):
1. تحسين التواصل الجنسي
- حددي ما الذي يثيرك بشكل واضح للشريك بطريقة لطيفة وغير متحيرة.
- إستخدمي أدلة عملية: "أبطئ أو أسرع"، "لمس هنا" أو "أحب عندما..." بدل التوقعات الصامتة.
2. زيادة وقت المداعبة والحساسية
العديد من النساء يحتجن لوقت أطول من المداعبة والتركيز على مناطق حساسة. جربي فترات حسية بدون هدف مباشر للجماع (sensate focus) لزيادة الإحساس والراحة.
3. تمارين قاع الحوض (Kegels) والعلاج الطبيعي للحوض
تقوية عضلات قاع الحوض تحسن التحكم والحساسية. يمكن تعلم تمارين كيجل وممارسة بانتظام، وفي بعض الحالات يكون العلاج الطبيعي للحوض مفيدا جدا.
4. تقنيات وقائية نفسية
العلاجات السلوكية المعرفية (CBT)، تمارين اليقظة (mindfulness)، وتقنيات الإسترخاء تقلل القلق وتحسن الإنتباه للجسم أثناء العلاقة.
5. مراجعة الأدوية
إذا كان سبب المشكلة دوائيا، تحدثي مع الطبيب حول إمكانية تعديل الجرعات أو تغيير الدواء، أو إضافة علاج مساعد تحت إشراف مختص.
6. فحوصات طبية وعلاج الحالات المزمنة
علاج السكري، إختلالات الغدة الدرقية أو نقص الهرمونات قد يستعيد الوظيفة الجنسية. فحص بسيط وبدء العلاج المناسب قد يحدث فرقا كبيرا.
7. مشورة جنسية أو علاج زوجي
أحيانا جلسات مع أخصائي جنسي أو محلل علاقات زوجية تساعد في فك العقد وتنظيم الحياة الحميمية بشكل عملي وملموس.
8. أدوات وتكييفات بسيطة
إستخدام المزلقات المائية عند الجفاف، زيوت التدليك، أو حتى الألعاب الجنسية الآمنة قد يضيف تنوعا ويزيد من المحفزات الجنسية. المهم أن يكون الإستخدام مشتركا وموافقة بين الطرفين.
نصائح لتطبيق فوري وسهل
- خصصي وقتا "بدون تسارع" للمداعبة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا.
- مارسي تمارين كيجل يوميا على دفعات صغيرة (مثلا 3 مجموعات × 10 ثواني) لمدة بضعة أسابيع.
- إنقلي النقاش عن الجنس من خانة الخجل إلى خانة "الفضول المشترك".
- قومي بفحص طبي دوري إن ظهرت مشكلة جديدة أو إن كنت تتناولين أدوية قد تؤثر على الأداء الجنسي.
ماذا عن العلاج الدوائي والتقنيات الحديثة؟
في حالات محددة، وبعد تقييم طبي ونفسي، قد يقترح الأطباء علاجات هرمونية أو دواء مساعدا لتحسين الأداء الجنسي. هناك أيضا برامج علاجية تعتمد على التحفيز العصبي أو العلاج الفيزيائي للأعصاب، لكنها تقتصر على حالات معينة وتحتاج لإشراف مختص.
خلاصة سريعة
عدم الوصول إلى هزة الجماع عند بعض النساء مشكلة متعددة الأسباب نفسية أو جسدية أو دوائية أو علاقاتية وغالبا ما تكون قابلة للتحسن عبر خطوات بسيطة: تحسين التواصل، زيادة وقت المداعبة، تمارين قاع الحوض، تعديل نمط الحياة، ومراجعة طبية عند الحاجة. لا تجعلي الخجل حاجزا؛ فالبحث عن مساعدة طبية أو جنسية متخصصة خطوة ذكية وفعالة إذا تكررت المشكلة أو أصابتك بالقلق.
ملاحظة مهمة: هذه المعلومات تثقيفية عامة ولا تغني عن إستشارة طبيب مختص أو أخصائي نفسي أو جنسي عند الضرورة. إذا كان لديك ألم أثناء الجماع، فقد يكون ذلك علامة لاضطراب يحتاج لعلاج طبي فوري.
مصادر موثوقة ونصائح للمتابعة
عند الرغبة في التوسع، إبحثي عن موارد من مصادر طبية موثوقة مثل مواقع جمعيات الصحة الجنسية، أبحاث طبية منشورة، أو إتصلي ب خبراء صحة جنسية مرخصين. دائما إختاري المعلومات المبنية على أدلة وطبية ودعمي خطوات العلاج مع مختص مناسب.
