تدخل المرأة بعد الزواج في مرحلة جديدة تماما على المستوى الجسدي والنفسي، ويقف خلف هذه التغيرات عامل أساسي لا يمكن تجاهله: فالهرمونات الأنثوية. مع تغير نمط الحياة، وبدء التخطيط للحمل أو حدوثه بالفعل، ومرحلة الولادة والرضاعة اللاحقة، تبدأ مستويات الهرمونات في الإرتفاع والإنخفاض، ما يؤدي إلى ظهور تغيرات واضحة على الدورة الشهرية والمزاج والطاقة وحتى الصحة العامة.
في هذا الدليل الشامل سنشرح أسباب هذه التغيرات، الهرمونات المعنية، الأعراض المتوقعة في كل مرحلة، ومجموعة نصائح عملية لمساعدتك على استعادة التوازن والحفاظ على صحتك الإنجابية.
لماذا تتغير الهرمونات بعد الزواج؟
التغير في الهرمونات ليس بسبب الزواج بحد ذاته، بل نتيجة تغير نمط الحياة والعوامل المصاحبة له، مثل:
- تغير الوزن (زيادة أو نقصان)
- التوتر والضغوط النفسية المرتبطة بمسؤوليات جديدة
- بداية ممارسة العلاقة الجنسية بشكل منتظم
- إستخدام وسيلة منع حمل هرمونية
- الحمل والولادة والرضاعة لاحقا
كل عامل من هذه العوامل يؤثر على مجموعة من الهرمونات الأساسية مثل الإستروجين، البروجسترون، البرولاكتين، FSH و LH.
1: إضطراب الدورة الشهرية بعد الزواج
أحد أكثر التغيرات شيوعا بعد الزواج هو عدم إنتظام الدورة الشهرية. قد تلاحظين:
- تأخر الدورة لأكثر من 38 يوما
- دورات أقصر أو أطول من المعتاد
- زيادة آلام الدورة (تشنجات، صداع)
- تغير في كمية أو مدة النزف
أسباب شائعة لإضطراب الدورة في هذه المرحلة
1) التوتر والضغوط النفسية
عند الدخول في حياة زوجية جديدة قد تتعرضين لتوتر خفي يؤثر على محور الهايبوثالاموس والغدة النخامية والمبيض (HPO axis)، وبالتالي يتعطل إنتظام الإشارات التي تنظم التبويض والدورة الشهرية.
2) تغير الوزن
الزيادة أو النقصان السريع في الوزن يؤثر على تخليق هرمون الإستروجين من الأنسجة الدهنية، الأمر الذي قد يوقف التبويض أو يجعله غير منتظم.
3) حبوب منع الحمل
الوسائل الهرمونية تؤثر على عمل المبايض وإفراز الهرمونات، وقد تؤدي إلى إنقطاع الدورة أثناء الإستخدام أو تنقيط مهبلي متقطع، وأحيانا عدم إنتظام بعد التوقف عنها.
2: تغير الهرمونات خلال الحمل
الحمل مرحلة غنية بالتغيرات الهرمونية، والهدف من معظم هذه التغيرات هو دعم نمو الجنين وحماية الحمل. هذه أهم الهرمونات ودورها:
1. الهرمون المنشط للحويصلة (FSH)
دوره الأساسي هو تحفيز نمو البويضة قبل الإباضة. عند تثبيت الحمل تنخفض مستويات FSH بشكل كبير لأن الإباضة متوقفة خلال الحمل.
2. هرمون الملوتن (LH)
مسؤول عن إطلاق البويضة من المبيض. بعد بدء الحمل تنخفض قيمته ويصبح غير فعال إلى حين الولادة.
3. هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية (hCG)
يفرز من المشيمة ويستخدم لإختبار الحمل في الدم والبول. يرتفع hCG سريعا في الأسابيع الأولى ويبلغ ذروته بين الأسبوع 7 و12 من الحمل ثم يهبط تدريجيا.
4. الإستروجين
مستوياته ترتفع بإستمرار أثناء الحمل وتساهم في نمو الرحم والجنين، وفي زيادة حساسية الثدي، كما تساهم في تعديل نظام الدورة الدموية للجنين.
5. البروجسترون
مهم لتثبيت الحمل، يهيئ بطانة الرحم ويقلل من إنقباضات الرحم المبكرة. كما يهيئ الثدي للرضاعة.
6. ريلاكسين
يساعد على إرتخاء أربطة الحوض لتسهيل الولادة ويسهِم في تغير مرونة الأنسجة.
7. الأوكسيتوسين
هرمون مهم في بداية المخاض؛ يحفز إنقباضات الرحم ويشارك لاحقا في ربط الأم بالرضيع.
8. البرولاكتين
يزيد إستعدادا لإنتاج الحليب بعد الولادة ويزيد حجم وأنسجة الثدي.
3: التغيرات الهرمونية في مرحلة النفاس (ما بعد الولادة)
مرحلة النفاس هي الفترة التي تحدث فيها أكبر التقلبات الهرمونية فجأة؛ إذ ينخفض الإستروجين والبروجسترون بشكل حاد بعد الولادة ويصعد البرولاكتين والأوكسيتوسين لدعم الرضاعة والإنخراط النفسي مع المولود.
أعراض شائعة لإضطراب الهرمونات في النفاس
- تقلبات المزاج أو الإكتئاب (إضطراب بعد الولادة في بعض الحالات)
- إنخفاض الرغبة الجنسية
- زيادة الوزن أو صعوبة فقدان الوزن بعد الولادة
- تعب مزمن وإرهاق
- تساقط الشعر وإضطراب النوم
عادة يحتاج الجسم لقرابة 6 أشهر وبعدها تعود معظم الهرمونات إلى حالة توازنها التدريجي، وتعود الدورة الشهرية لحالتها الطبيعية بناء على ما إذا كانت الأم ترضع أم لا.
كيف تتعاملين مع تغير الهرمونات بعد الزواج؟ نصائح عملية
هذه إجراءات مدعومة بالممارسات السريرية لمساعدة الجسم على التوازن الهرموني:
1) الحفاظ على وزن صحي
وزن ضمن المعدل الطبيعي يساعد على إنتظام التبويض والدورة. إستشيري أخصائية تغذية إذا كانت هناك زيادة أو نقصان حاد في الوزن.
2) تقليل التوتر
مارسي أنشطة تقلل التوتر مثل المشي و تمارين كيجل والتنفس العميق وتنظيم ساعات النوم؛ فالتوتر المزمن يؤثر سلبا على محور HPO.
3) فحوصات طبية عند الحاجة
أطلبي فحصا هرمونيا إذا لاحظت:
- غياب الدورة لأكثر من شهرين متتابعين (غير حمل)
- نزف شديد أو متكرر
- صعوبات في الخصوبة أو تأخر الحمل
- إكتئاب أو أعراض نفسية شديدة بعد الولادة
4) غذاء متوازن داعم للهرمونات
أطعمة مفيدة لتوازن الهرمونات: المكسرات وبذور الكتان والأفوكادو والخضروات الورقية والأسماك الدهنية والمصادر الجيدة لفيتامين D وB12.
5) تجنّب العادات المجهدة للهرمونات
كالسهر المزمن والوجبات السريعة والإفراط في السكريات والكافيين.
هل تغير الهرمونات بعد الزواج طبيعي أم مقلق؟
نعم، تغير الهرمونات بعد الزواج أمر طبيعي وشائع لدى معظم النساء، لكن المعيار الذي يحدد الحاجة لزيارة الإختصاصي هو شدة الأعراض وتأثيرها على جودة الحياة والصحة الإنجابية. إذا صاحبت الحالة أعراضا شديدة مثل نزيف مفرط أو إكتئاب حاد أو ألم مستمر أو غياب طويل للدورة. فلا تترددي في مراجعة طبيبة النساء والتوليد.
خلاصة سريعة
فتغير الهرمونات بعد الزواج هو جزء من رحلة التغير البيولوجي للمرأة. بفهمك لدورات هذه الهرمونات وكيف تؤثر على الجسم، يمكنك إتخاذ خطوات عملية للتحكم بالأعراض والعودة إلى توازن صحي. دمج الغذاء الجيد والنشاط البدني وإدارة التوتر مع إستشارة طبية عند اللزوم يشكل وصفة عملية للحفاظ على صحتك الإنجابية ورفاهيتك.
اذهب إلى المصادر
